أن تعيش برد فلسطين يعني أن تشعر بالدفء يوماً في مربعانيّة البرد، ولكن معناها الأسوأ والأكبر أن تشعر بالبرد والرجفة في منتصف الصيف في بلادِ الله الواسعة الأخرى.
نكبرُ وفلسطين هي الوطن الأم، هي الحنين، هي الأغاني والرسومات والكتابات، ولكن لن أنسى يوماً كيف أسمتها سحر خليفة بالغولة، فلسطين الغولة، أهي فلسطين الغولة أم ربما من ظنَّ نفسهمتحكماً بالقضية أم أم أم؟ ولكن لم تنتهِ الغولة يوماً.
أرى فلسطين الغولة، الوطن، ولكني أخجل، أخجلُ يوماً أن ينعتها أحدٌ بصفاتها السيئة أو ينقص من شأنها فأسكت، أسكت لأن النعت حقيقي والواقع متعب.
فلسطين البرد، فلسطين اللوز وفلسطين المحتوية، فكيف استطاعت أن تحوي فلسطين في يومنا هذا الكاذبين والشامتين والشاتمين والسارقين؟ كيف تستطيع أن تأويهم يوماً واحداً؟ كيف نتحملُ نحن أنفسنا ونحن نظن أننا الشعب المتسعمَرُ الوحيد، كيف نتحملُ أن ننام مساءً ونحن حولنا أنفسنا لمركز الكون متجاهلين الباقي.
كيفَ أسمح لنفسي بأن أشرح عن القضية وكأني صنعتها وخلقت ما فيها، وأنسى من لم يوافقني الرأي، كيف تسمحُ فلسطين لهؤلاء بالعودة لها؟
كيف سمحت لنفسها هذه الغولة بأن تسكنني من الداخل، تلك اللعنة العذبة المتعبة، تلك الغولة الصعبة، التي أفسدت لدي تذوق أي طعامٍ غير ما تلد، التي أفسدت لدي أي متعةٍ بسماءٍ مليئة بالغيوم، لأن سماءها البائسة أجمل. هذه الغولة التي أفسدت عليي حتى رؤية القمر في يوم القمر الكبير، ببساطة لأن قمراً ظهر قبل 10 سنوات فجأة مصادفةً أمامي غرب رام الله كان أقرب أقمار الدنيا للأرض، أقسم أني أمسكته بيدي.. أفسدت لي الغولة حتى القمر!
هذه الغولة التي أشبعتني حنينياً لطريقٍ بائس كنت أسلكه يومياً.. تلك الغولة التي أفسدتني لدرجة أني أحنُّ لترابٍ كنت ألعنه يومياً.
هذه اللعنة المتعبة، اللعنة التي جعلتني أخشى الحديث حتى لا ألْحِنَ في كلمة، وسمحت لتُفهٍ أن يتكلموا بما لا يفقهون.
هذه الغولة! هذه اللعنة التي من الواضح أنها ستجعلني أضطرب باقي حياتي، فقد قسّمتني لما قبلها ولما بعدها.
No comments:
Post a Comment