ياسمين الخيال في عمّان
ولربما يؤنبني ضميري أحياناً في هذه الليالي, غزة تُنار على ضوءِ الصواريخ وأنا ما أزالُ أحلمُ كالأطفال بمختلفِ الأحلام.
أقرأُ القصصَ الخيالية, وأتجولُ في شوارعٍ قديمة فأحلمُ بمشاهدَ لم تحدث, ولن تحدث, أعودُ بالذاكرةِ لصباحِ اليوم, وأتصورُ مشاهدَ حدثتْ.
في شوارع جبل عمان, أجمل شوارع الأردن, خلف شارع الرينبو ومنطقة جبل عمان واللويبدة لا أستطيع إلا تخيل المشاهد الجميلة, لا أستطيع سوا تخيل ما يشبه ليلى والذئب في شوارِعنا البسيطة, هناك بينَ شجرة الياسمين خلفَ المدرسة أتصورُ شاباً خطفَ قلبَ تلك الفتاة, لم تُكملِ الرابعةَ عشرَ من عمرها, وها قد خطفَ قلبها ذلك الجميل الواقف قربَ الياسمين, أصبحت تعودُ للمنزل وتملئُ غرفتها بالياسمين, تضعُ الماءَ والياسمين في الزهرية وتضعها في غرفة الجلوس, تتركُ الباحةَ الخلفية كاملةً وتجلسُ بينَ ظلال تلك الياسمينة, تحلمُ بالكثير وهي بين رائحة الياسمين..
في ذللك الشارع, تعارفا صديقانِ لأولِ مرة, ساعدهُ في واجبٍ منزلي وأصبحا أعزَّ من أخوين, فرقتهما السنين, هُما ابنا العائلات المقتدرةِ في عمّان, سافرا للحياةِ في الخارج وعادا بعد ستين عاماً, التقيا بالصدفةِ حول منزليهما, ذات الدرج الذي لعبا عليه, ونفس النافورة التي حلفا أنهما لن يدعَاها تُطفئ, ها هو الدرج مزركشٌ بألوانٍ جميلة من مجموعةِ مراهقين رأته أجملَ بهذه الصورة, وها هي النافورة مكسورٌ طرفها ولا دليل لوجودِ الماءِ فيها منذ سنين..
فتاةٌ كانت الوجهَ الآخر لفدوى طوقان النابلسية, ولكن في جبل اللوبيدة ها هنا في عمّان, أُغرمتْ بهِ دون أن يكونَ بينهما كلام, أهداها جوريَّةً تفتحتْ في ذاك الربيع عندما تفتحَ قلبها معه, ولكنها شعلةٌ أطفأها أهلها في نفس اليوم, زُوِّجَتْ قبل أن تتمَ الخامسةَ عشر وها هي الآن جدةٌ تهوى المطالعةَ والكتابة, ولكن لا من مُشجع أو مُحفز أو حتى مستمع لكلماتها الرقيقة.
في هذه الشوارع أعتبرُ استراقَ النظر داخل البيوتِ مشروع! فبكل بساطة "ربي خلقت الجمال وقلت اتقُوا.. كيف نرى الجمالَ ولا نعشقُهُ", وهذا ما أشعرُ به هناك, أنظر حول المنازل فأرى طاولةً خشبيةً أكلَ عليها الدهرُ وشَربْ فأستشعرُ جمالاً صافياً, أدخلُ حديقةً تُركَ بابُها مفتوح فأرى منزلاً لا بدَّ بهِ من القصص ما فاقَ عدد شعر الرأس..
الخيالُ الخصب جميل, يصنعُ لك في كلِّ زاويةٍ لحظةً وذكرى, أرى الياسمين فأتمنى لو أنني عشتُ تلكَ اللحظة, أتمنى لو أنني وجدتُ من يهديني الياسمين وأنا في الرابعةَ عشر, عندما كنتُ في يومٍ ما "قمر أربعطعش", أو من يهديني فلةً أو زهرة..
3\8\2014
No comments:
Post a Comment