عن الفرح -1
الفرح هو شيء, لربما هو هدفُ الحياة أحياناً.
فلا فائدة بفلوسِ الدنيا كلها بدون سعادة, بدون عائلة أو أصدقاء أو
حبيب يشارك هذه السعادة.
في العادة نقرنُ السعادة بالأم مع وليدها وهي تراه يكبر, ولكن مثلاً
أكونُ في قمةِ سعادتي عندما أرى نظرةَ أمي وابي التي تطبع على وجوهيهما عندما
نتناقش في الأفكار, أرى الفرح بلمساتِ جدي وهو يلاعبُ حفيدهُ الجديد, جدي الجميل
الذي لم يعد يرى بعينيه الآن كما كان عندما وُلِدتُ أنا, أنا أول حفيدة.
أرى الفرح في عيونِ صاحب المكتبة بجوارِ منزلي في الأردن, يكفي أن
ابنهُ قد شارفَ على التخرجِ من الجامعة, وأنا بعمرِ ابنه أيضاً, أرى الفرح فيه
بضحكةٍ أبوية جميلة.
هو الفرح الأهم داخل كل اللحظات, وهو السعادة وهو كل شيء.
هو تلك العيون البرّاقة, تلك النظرات التي لا تجدها سوى مرّة وإن
رحلتْ رحلت معها السعادة.
السعادةُ توجدُ شبه كاملة, وتجعلُ كلَّ جميلٍ وبسيط كاملاً, الكمالُ
يصبحُ نُصبَ أعيننا حتى وإن لم يوجد كاملٌ سوى الله.
يأتي الفرحُ توازياً مع الرِضا, مع القناعة وبقلبٍ تغمرهُ المحبة.
.
قصةٌ قرأتها ذات يوم قالت: سألتنا المعلمة ما هدف كلٍ منكم, أجبتها
أن أكونَ سعيدةً, ضحكت وقالت فهمتِ الأهدافَ بشكلٍ خاطئ.. ولكن اليوم وبعد عشراتِ
السنين أدركتُ أني عرفتُ معنى السعادة وجهلتهُ هيَ.
.
إن كانَ الفرحُ هو الغاية والسعادةُ هي وردُ الطريق تصبحُ الحياةُ
أجمل, وتكتمل.
فالكمالُ خُلقَ لله, ولكن خَلَقَنا الله لنرى الحياةَ كما نشاء, هوَ
الكأسُ واحدٌ منذُ نشأةِ التاريخ, إن رأيتهُ نصفَ ممتلئ فأنتَ خلقتَ لنفسكَ التفاؤل,
وإن رأيْتَهُ نصفَ فارغ فأنتَ اخترتَ التشاؤم, ولكن, إن اخترتَ أن تراهُ مليئاً
ومكتملاً بالماءِ والهواء فأنتَ رأيتَ الحياة بأبهى صورها.
السعادةُ طاقة, والفرحُ لا يُفنى ولا يستحدث, هو فقط يوجدُ بحسبِ
الطاقةِ المبذولةِ من الشخص لرأيته.